Friday, September 08, 2006

قبل إعادة البناء
جاد الحاج الحياة 19/08/06

أرجو أن أكون مخطئاً في توجيه هذا النداء الى بنّائي ما تهدم من قرى وبيوت في الهجمة الإسرائيلية الأخيرة. أرجو أن يكون ما سأقوله نافلاً وتحصيل حاصل وأن أكون ممن يستحقون التوبيخ لصفاقتي واعتقادي بأنني لبيب أكثر من سواي. مع ذلك لم أتمكن من احتمال الإحجام عن قول ما يلجّ عليّ منذ وقف إطلاق النار:

لا تبنوا كيفما اتفق بحكم السرعة وضرورات اللهفة. بل تعالوا نجعل البناء المنتصر يفصح عن إدراكنا لأخطاء الماضي في هذا المجال. تعالوا نمنح القرى المهدمة صورة متناسقة، تنطق بأسلوبنا المعماري الأصيل وتحيل الفوضى السابقة جمالاً ينمّ عن إمساكنا بكل الخيوط المطلوبة في الورشة الهائلة المقبلة، أي معرفتنا بأن ما بني من دون تنظيم مدني وبُعد هندسي مدروس لا يجب أن يتكرر. فليكن لكل قرية طابعها المميز، ألوانها، حضورها الخاص في الفضاء الطبيعي والبيئة، كي يشهد التاريخ اننا ما صمدنا وما استشهدنا لندحر عدوّنا وحسب، بل لنعيد قرانا الى أصالتها وعراقتها ونصحح ما لم نتنبّه إليه بعد الحروب السابقة.

وينسحب هذا النداء على البنايات السكنية في الضاحية، إذ سيكون محزناً جداً أن يعاد ما تهدم انطلاقاً مما كان، فما كان نتيجة نزوح وعشوائية معمارية لا يجوز أن نكرر صورتها، بل على البنيان الجديد أن يعكس مجمل إدراكاتنا المدينية والبيئية كي يكون أفضل تجسيد لتقديرنا التضحيات الباسلة لكل من فقد حجراً وخسر بشراً، وكي نعكس أيضاً القيمة المفصلية لهذه المرحلة فلا نبدو مصابين بانفصام في الشخصية: جزء يقاوم ببطولة ملحمية، وجزء آخر يهمل الموجبات الحضارية لإعادة البناء.

مرة أخرى أرجو أن أكون مخطئاً وأن تكون البديهيات المذكورة أعلاه في إضبارة الإعمار الجهادي بكل بساطة

No comments: