Thursday, June 05, 2008

جريدة النهار
استعادة سلطة المعايير
نتيجة سنوات من التلوث في قيم الجمهورية في لبنان والاستغلال الأداتي للقانون، في حين ان القاعدة الحقوقية هي معيار ناظم للعدالة والمساواة، يحتاج لبنان اليوم الى استعادة سلطة المعايير في الدولة والمجتمع من خلال السلطات الناظمة للمعايير. ابرز هذه السلطات رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء والمجلس الدستوري ومجلس القضاء الاعلى ومجلس الخدمة المدنية...، وهي المؤسسات الرئيسة التي تنتج القواعد الناظمة للعيش معًا وللعلاقات بين المواطنين وبين المواطنين والسلطة وتحقق السلام الاجتماعي من خلال معالجة الخلافات دون استنساب وبمساواة وعدالة. تشكل اعادة الاعتبار الى سلطة المعايير في المجتمع السياسي اللبناني ورشة عمل ضخمة. من دعائمها الاساسية رئيس الجمهورية في ممارسته دور "السهر" على القواعد الناظمة للحياة العامة.
كما في التحليل الاجتماعي توصف الحالة المرضية باضطراب الوظائف الناظمة التي استهدفت طوال سنوات. النظام السياسي اللبناني الذي يُصنف بأنه برلماني، "وتوافقي حسب المعنى الحصري الوارد في المادة 65 من الدستور واستنادًا الى العِلْم الدستوري الحديث والمقارن، يخضع لقواعد حقوقية ناظمة، والا فالتمادي في ممارسات خارجة عن القانون قد يؤدي الى مزيد من التطييف وتعطيل النظام وجعله غير قابل للحكم.
رئيس الجمهورية مؤتمن على المؤسسات وعلى بناء دولة المؤسسات وترسيخها. وقد يتحول مفهوم المؤسسات الى مجرد شعار يتكرر خطابيًا. تشتمل دولة المؤسسات على ثلاثة عناصر:
التنظيم اولاً الذي، استنادًا الى قواعد حقوقية، يحقق الاستمرارية وتداول المسؤوليات في معزل عن الافراد والتغيرات.
والمشروع ثانيًا الذي بدونه تتحول المؤسسة الى جهاز بيروقراطي يعمل لمصلحة القيمين عليه.
والقيادة ثالثًا التي توفر الدفع والتحريك والفاعلية، والا تحولت المؤسسة الى ابنية وهياكل عظمية ونصوص تنظيمية دون حياة.
رئيس الجمهورية مؤتمن، كرئيس للدولة، على احياء الثقة بلبنان الرسالة والدور، لبنانيًا وعربيًا ودوليًا، في مواجهة من يقتل الامل في النفوس والمستقبل، بخاصة لدى الاجيال الشابة.

انطوان مسرّه
(استاذ جامعي، منسق البرامج في المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم.
)

No comments: