Saturday, October 04, 2008

إلى السيّد حسن

إبراهيم الأمين
لم يكن ممكناً تقبّل كلام العماد ميشال عون عن الإصلاحات التي لم تقرّ في المجلس النيابي، لولا أنه يشير إلى أزمة في السلوك السياسي الداخلي لقوى المعارضة. وإذا كان صعباً توقّع تغيير كبير في واقع بلاد مهترئة تحكمها عقليات فاسدة وإقطاع مهترئ وبقايا مجرمي الحروب الأهلية المتنقّلة، فإن الخطوة الأولى نحو التغيير قد تكون على شكل صدمة ربما لن يتحمّلها كثيرون، لكنها باتت ضروريّة من أجل فتح الباب أمام واقع جديد يتطلب تثبيته تضحيات أكبر من تلك التي تطلّبتها معركة التحرير والدفاع عن الأرض. وإذا كانت الوقائع الداخلية صعبة، معقدة وقاسية، فإن ذلك لا يفيد في تبرير سلوك النعامة التي تخفي رأسها في الرمال، أو سلوك من يستعجل جمع النفايات تحت السجادة والقول إن الأمور جيدة. وفي مثل هذه الحالة ثمة حاجة إلى تفسيرات وإلى أجوبة وإلى توضيحات بشأن حقيقة ما حدث في المجلس النيابي عند مناقشة قانون الانتخابات وإقراره.
هل خاضت المعارضة فعلاً معركة تغيير قانون الانتخابات؟ هل اقترحت نظام الاقتراع المختلف وجنّدت له حملة سياسية وشعبية، هل كان مستحيلاً أن يخرج عشرات الآلاف لا أكثر ليعبّروا عن رفضهم لقوانين تجديد الطبقة السياسية البالية، التي لا تفعل شيئاً سوى رهن البلاد للأجنبي وسرقة موارده؟ هل في أرشيف اعلام المعارضة ما يكفي من مواد وجهد يدلّان على رغبة حقيقية في تغيير جدي ولو متدرجاً؟.
ما الذي منع المقاومة من خوض معركة تعديل القوانين لمنح المرأة قوة حضور في الانتخابات والتمثيل السياسي؟ وما الذي يمنع المقاومة الآن من اختيار نساء لخوض الانتخابات النيابية المقبلة؟ وهل كان مستحيلاً تنظيم حشد نسائي يجمع عشرات الآلاف منهن أمام البرلمان يوم الاقتراع لتسجيل صرخة قاسية تقول لا لعمليّة القتل المستمرّة في حق نصف المجتمع في صناعة القرار وتنفيذه؟
ما الذي يمنع حزب التحرير الوطني الأول، الذي سقط تحت رايته أكثر من ألف شاب أتمّوا الثامنة عشرة من عمرهم وهم يحملون البنادق ويقاتلون العدو الأشرس في تاريخنا المعاصر من تنظيم أوسع عملية احتجاج كانت سوف تستقطب عشرات الآلاف من أقرانهم لمنع الجيل الجديد من سارقي البلاد من حرمانهم حقّهم في الاقتراع والترشّح وصياغة القرار؟
ما الذي كان يمنع المقاومة ومن معها من حلفاء قبلوا خوض معارك بالرصاص لأجل حريتهم من الاحتلال وحريتهم من ذيل الاحتلال داخلياً، من تحمّل تعب تحرّك أو اعتصام مفتوح لأسبوع لا أكثر في سبيل إشعار القابضين على روح البلاد بأنهم سوف يواجهون أوضاعاً صعبة وهم يقرّون عقد التمديد لإقامتهم فوق صدورنا لدورة جديدة؟ هل كانت الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي أو إسرائيل أو الدول العربية أو خلافه من القوى القاهرة سوف تتدخل لمنع تحرك من هذا النوع؟
هل صرخة مدويّة، تزعج من تزعج كانت سوف تفقد المقاومة شيئاً من قوّتها أو حصانتها أو مشروعيتها لو أنها قالت إنها لن توقّع قانوناً يراد منه إعادة إنتاج طبقة سياسية تقوم على حسابات الطوائف وتكون مستعدة بخاطرها أو غصباً عنها لتولّي مهمة طعن المقاومة في ظهرها؟
ثم ماذا عن الانتخابات يوم الاقتراع؟ هل ثمة موانع تفسح في المجال أمام تكتيك انتخابي مختلف، وأمام تحالفات ديموقراطية لكنها لا تكون قاتلة للديموقراطية، وتتيح للآخرين من الشركاء في القضية والمهمة فرصة خوض تجربة يظهرون فيها في موقع القادر أو المهمّش لكن من خلال قرار الناس لا من خلال قرار آخر؟
ستظل المقاومة أفضل ما في تاريخنا وحاضرنا والأفضل لمستقبلنا، لكن تجربة الأعوام الثلاثة المنصرمة، علّمتنا أنّ حماية المقاومة تحتاج إلى شركاء حقيقيين، لا من النوع المركّب... تحتاج إلى كتل وقوى جديدة مثل التيار الوطني الحر.
حمى اللّه ميشال عون!


Powered by ScribeFire.

No comments: