Wednesday, February 03, 2010

الحرب الاميركية \الصهيونية ضد الفضائيات : خلفية و دلالات

الحرب الاميركية \الصهيونية  ضد الفضائيات : خلفية و دلالات
 
العميد الدكتور امين محمد حطيط

في سلوك يناقض دستورها و كل ما تدعيه الولايات المتحدة من حرية الفكر و التعبير و الاعتقاد ، يحضر الكونغرس الاميركي قانوناً لمعاقبة الاقمار الصناعية التي تحمل موجات القنوات الفضائية المقاومة من لبنان الى فلسطين و العراق بحجة بث الكراهية ضد الشعب الاميركي و التحريض عليه ما يعرض بزعمهم امن الاميركيين و سلامتهم للخطر – هذا هو التبرير الظاهر- و لكن حقيقة الامر و باطنه يعاكس ظاهره حتى التناقض معه فالفضائيات المتهمة بانها "ارهابية"  لم تذكر الشعب الامبركي بكلمة او موقف او عبارة يستدل منها ما ينسب اليها من بث كراهية ، و ان هذه الفضائيات و بميزان الرصد الاروبي من قبل المنظمات المهنية المحايدة (على قلتها) تقوم بدور تعبوي لمقاومة المحتل و المعتدي على حقوق شعوبها في البلدان المذكورة مع فضح سلوك جنود الاحتلال و فظاعاتهم في ممارستهم للاعمال العدائية العسكرية في الميدان ، و التي يتجاوزون فيها كل ما هو مكرس حظره في القانون الدولي الانساني شاملاً المعاهدات الدولية من اتفاقيات جنيف الى النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، و ليس ادل على صدق هذا الامر مؤخرا افضل من تقرير غولدستون- اليهودي – و ما ورد في الصحافة الغربية عن فظائع سجن ابوغريب و معتقل غوانتانامو ..اذن حقيقة دور الفضائيات المشكو منها امران ، شحن معنوي للمقاومة و جمهورها ، و فضح واقعي و موضوعي لجرائم المحتل و سياساته ، و ليس في الامر ما يمس اصلا الشعب الاميركي الذي يغفله اصحاب الفضائيات في اعمالهم ليركزوا على اسرائيل و الادارة الاميركية و سلوكهما الذاتي المنتهك للحقوق ، هذا في حقيقة الواقع .

و مع ان اميركا تدرك جيدا بان ما نذكره اعلاه هو الواقع الذي يعرفه الجميع ، فانها على عادتها في اختلاق ما يناسبها من ظروف تبرر بها قرارات استعمارية عدوانية تريد تنفيذها – كما هي قصة سلاح الدمار الشامل المزيفة التي اتخذت ذريعة لاحتلال العراق- فانها اليوم تدعي بان عمل الفضائيات يسئ الى الامن الاميركي ، و تحضر لاسكاتها ، و المؤلم في الامر هو الاستعداد العربي للاستجابة ، حيث ان الاقمار الصناعية التي سيوجه اليها الانذار و تلزم بالتنفيذ هي اقمار عربية ملكية و ادارة ، و ان هذه الاقمار تستطيع ان تعرض عن الاستجابة لتلك الانذارات من غير ان تمس خاصة ان كل احتياجاتها التقنية و اللوجستية ذات مصدر اروبي ، و اروبا غير معنية بالقرار الاميركي اقله حتى الان ، و رغم ذلك فان ما تسرب عن اللقاءات المقفلة في مجلس وزراء الاعلام العرب المنعقد في القاهرة في كانون الثاني الماضي ، يشير و بوضوح الى استعداد عربي من قبل القوى المالكة للاقمارتلك  للاستجابة للطلب الاميركي عندما يصبح القانون نافذا و تجري الادارة الاميركية تقييما للقنوات الفضائية ، تطلب بموجبه من تلك الاقمار وقف نقل موجات هذه الفضائيات المعادية لسياستها و السياسة الصهيونية . اذن اننا امام خطر حقيقي يتمثل في وقف البث الفضائي لقنوات المقاومة و ان المسألة قد لا تكون الا مسألة وقت لا يتعدى الاشهر الثمانية و هي االفترة اللازمة للامركيين من اجل وضع قانونهم موضع التنفيذ.

و سؤالنا الان و مع هذه الصورة المستقبلية شبه الاكيدة ، سؤالنا نطرحه في عنوانين الاول لماذا استفاقت اميركا على "حرب الفضائيات الان و ما الذي تستهدفه منه؟" و الثاني هل هناك بديل يعطل الاهداف الاميركية من العدوان على الفكر و التعبير عن الرأي الاخر ؟" .

في الاجابة الاولى نقول ، ان اميركا كما اسرائيل وقفت على حقيقة مرة بالنسبة لها ،و هي  ان ما كانت تهدف اليه من عمليات عسكرية و حشية ، متمثلة بالتدمير و المجازر و التهجير و التشريد بقصد فك جمهور المقاومة عن مقاومته ، او زرع الرعب فيه و دفعه مع المقاومة نحو الانهيار الادراكي الذي يحقق  للمهاجم المعتدي النصر من غير  القتال و المواجهة ، كل ذلك كان يتعطل بفعل من الخطة الاعلامية المقاومة البديلة التي نجحت في خوض حرب نفسية افشلت حرب الخصم ، و ها نحن نقرأ في اكثر ما كتب عن حرب تموز2006 ، ان اعلام المقاومة – خاصة المنار و النور – كان شريكا اساسيا في صنع هزيمة العدو ، و من جهة اخرى فان للاعلام المقاوم نفسه من التأثير على صنع الرأي العام في المنطقة عامة , و في اسرائيل خاصة  كما و التحكم بالمشاعر و ردات الفعل ، له الدور الكبير و يكفي هنا ان نذكر بالقول السائد في اسرائيل بان مصداقية السيد حسن نصر الله لديهم تفوق بكثير مصداقية مسؤوليهم ، و انهم اذا ارادوا ان يعرفو الحقيقة فانهم يتابعون ما يبثه تلفزيون المنار . لقد وقف الصهاينة و الاميركيون على اهمية الاعلام المقاوم في المعركة كما وقبلها و بعدها ، و لانهم يعدون لحرب جديدة فانهم يريدون خنق هذا الاعلام قبل الدخول فيها ، و اننا نرى ان القانون الاميركي القمعي ، هو فعل من سلوكيات الاعداد و التهيئة للظروف الاستراتيجية و الميدانية التي تتطلبها حرب جديدة يعد لها و تؤمل اميركا و اسرائيل كسبها سواء في لبنان او غزة او ما تبقى من مسارح العمليات في منطقة الشرق الاوسط . و قد لا نفاجأ بمستقبل تسكت فيه كل الفضائيات المعادية للعدوان الاسرائيلي و الاميركي ، تسكت مع انطلاق الرصاصة الاولى في الحرب المستقبلية الاتية ، التي و ان كان بدؤها لا زال غير منظور في الاشهر المقبلة او قل مستبعدا الان ، فانها تبقى قراراً اسرائيلياً لا بد انه سينفذ  عندما تطمئن اسرائيل الى الانتصار فيها ، و يكون خنق الاعلام ضرورة لكسب الحرب النفسية التي تعتبر جزءاً هاما من الحرب كلها ، كما و لتغطية جرائم العدو اثناء الحرب ، و هنا نتذكر قول مسؤول اسرائيلي في بدء الحرب على غزة " نريد حرباً بلا اخطاء " و هو لم يكن يقصد عدم ارتكاب جنوده اخطاء ، بل كان يقصد ابعاد عدسة الكاميرا عن الميدان حتى لا تسجل تلك الاخطاء و لهذا كان حجب الاعلام الاسرائيلي عن ميدان غزة .

اما البديل للفضائيات اذا اسكتت ، فينبغي ان يكون في اشكال متعددة يصعب النيل منها ، و يتدرج برأينا من الشبكة العنكبوتية – الانترنت – الى توسيع في بث القنوات الارضية مع تعاقد مع الدول المجاورة التي تسمح باقامة محطات الاتصال و تقوية الارسال او اعادة الارسال ، وصولاً الى التعاقد مع محطات فضائية صديقة ينتقل اليها معدو بعض البرامج السياسية و العسكرية و الاستراتيجية  و تزود بالمادة الاعلامية المناسبة ، و قد يكون امتلاك فضائيات بديلة على سبيل الاحتياط و باسماء اخرى و بادارة اشخاص غير معروفين ، قد يكون حلاً يستفاد منه لايام او اسابيع تستلزمها الحرب النفسية و الاعلامية خلال الحرب المقبلة .

في الحروب يعد القائد دائماً الاحتياط و البديل ، و الحرب الاعلامية و النفسية التي نتحدث عنها هي الان الوجه الاقسى من المواجهة مع عدو يريد ان يصفي حقوقنا وقضايانا بما يناسبه ، و ان خسارة هذه الحرب يعقد مسألة المواجهة و الثبات في الحرب الاعم .

اننا و مع قولنا ببعد الحرب الان ، فاننا نرى ان الحرب النفسية و الاعلامية (و فيها حرب الفضائيات الان )هي الحرب البديلة ، و التي تهيئ للحرب و تشغل الوقت الفاصل حتى اندلاعها ، و انها و ان كانت حرب الالسن قبل بدء حرب المدافع ، فان ربحها او خسارتها يخط الطريق الى خسارة الحرب كلها او ربحها .


 




Powered by ScribeFire.

No comments: