Wednesday, February 09, 2011

المهرج والبهلوان

المهرج والبهلوان

07-02-2011
حجل

ثورة 25 يناير معرضة للسطو. أبناء العصر الذين تنادوا لسحب بلدهم من غياهب الطغيان وتقدموا نحو هدفهم مثلما تتقدم امواج العاصفة معرضون للدهس، مادياً ومعنوياً. براءتهم جلجلتهم. نظافة ارواحهم مقصلة استشهادهم على أيدي عتاة السياسة وشياطين المخابرات. لكن ايضاً بمساهمة لا يستهان بها من رفاق الدرب المنتمين الى ما يسمى الاحزاب السياسية التقليدية. الأحزاب تحسن اللعب على الحبال. تعرف، من مخزون تجربتها الطويلة في الكر والفر مع السلطة أو ضدها، كيف تؤكل الكتف في المناورات الآيلة الى القبض على زمام الحكم. وبينما يستميت الثوار في ميدان التحرير والميادين والساحات الأخرى ،كفاحاً للخلاص من النظام بشكل حاسم ونهائي، إذا بالأحزاب تضع ساقاً في البور وأخرى في الفلاحة تأميناً لعدم موت الذئب أو فناء الغنم، ريثما يتبين أفق المصير، كي تهرع لموضعة نفسها في المكان المناسب، أي حيثما إستطاعت تأمين القدر الأكبر من المكاسب.
في هذه الأثناء يستمرّ الابرياء في السقوط. يضربون حتى الموت. يغتالون نهاراً جهاراً. يقادون الى السجون. باختصار يدفعون الثمن الغالي للتغيير المرتقب.
ويؤخذ عليهم أنهم بلا رأس ولا قيادة، فكيف يعرفون الخطوة التالية في مسيرتهم المدهشة؟ يعرفون لأنهم تألموا معاً، لأنهم ساروا معاً الدروب المؤدية الى الثورة، يعرفون كما تعرف الطيور المهاجرة نحو الدفء والصحو اي الرياح تؤاتيها واي الموائل أكثر اماناً لها، ففي المعاناة المشتركة مصدر غزير وحكيم للمعرفة، ولعله من الافضل والأبهى ألا تكون لأبطال 25 يناير قيادة، بل من صناعة التاريخ بامتياز الا ينطبع وجه واحد على بيارق هذه الثورة، فتبقى عذراء نقية مغسولة بدم المئات ممن سقطوا من اجل حرية الملايين وكرامتهم ومستقبل بلدهم. وسوف يكون إلهام ما تبقى من العرب وغير العرب أروع واقوى الف مرة حين يرى أي مواطن مسحوق في العالم وجهه بين تلك الوجوه المصرية المباركة في ميادين التحرير عبر ارض الكنانة.
كاريكاتورياً، يشبه المشهد في مصر اليوم لعبة المهرج والبهلوان: المهرج يحاول تشتيت تركيز البهلوان الذي يمشي على حبل شاهق، والبهلوان يمعن، مع كل خطوة في إحباط "المؤامرة" الى أن يبلغ الجهة الاخرى سالماً، فيخرّ المهرج باكياً وتسيل على وجهه ألوان "مؤامرته" الفاشلة.
مهرجو اللحظات الاخيرة في سيرك النظام المصري باتوا على قاب قوسين او ادنى من بدء النحيب.





- Posted using BlogPress from my iPad

No comments: