Thursday, April 01, 2010

نشر المقال في جريدة البناء اللبنانية بتاريخ 31\3\2010
 
المحكمة الخاصة بلبنان : آداة لخطة فاشلة .
 
فجأة تعود المحكمة الخاصة بجريمة قتل الرئيس رفيق الحريري  للواجهة ، و يعود الاعلام للتلويح بسيفها  ,و يشهره  مباشرة هذه المرة بوجه الجهة  التي ما كانت العملية الاميركية السياسية و الامنية في لبنان الا من اجلها ... المقاومة ... فاميركا لم تفعل ما فعلت بلبنان و لم تبد اهتماما به كرمى لعيون من يخدعون انفسهم بانهم مهمين   او انهم يقودون شعبهم على حد وصف جورج بوش لفؤاد السنيورة (عندما كان رئيسا لحكومة الاستئثار المخالفة للقواعد الميثاقية في لبنان.) اميركا لم تهتم بلبنان الا من اجل التخلص من المقاومة التي افسدت بوجودها و انتصارتها ركنا اساسا من اركان استراتيجية الهيمنة الغربية على الشرق ، و ذلك بتعطيلها لركن القوة عندهم و اظهار العجز فيها ، ثم اثبات القدرة على الانتصار على اسرائيل .......اميركا هنا اذن  للتخلص من المقاومة ، فتطمئن على  استمرار هيمنتها و حكمها للشرق.و لكن سنوات خمسة مضت و لم تستطع اميركا ان تنال من المقاومة في كل ما سبق وفعلت ... فلم تنفعها القرارات الدولية (1559) و لا الحوار المسمى وطنياً ، و لا الحرب الاسرائيلية ... و لا قرارت الفتنة التي ارتدت على اصحابها و انتهت بنزع انياب المنفذين و بعض اظافرهم ... ثم انتهت الجولة كلها بتغيير في خريطة الداخل اللبناني استراتيجياً ... و تراجع موقع المحكمة يومها ... ليعود ويطفو على السطح الان ..
 و يطرح السؤال لماذا الان و في هذا التوقيت بالذات ؟ و السؤال مبرر لانه من غير المعقول تقلب المحكمة في ميدان الاهمية تفدما و تأخرا الا بقرار و تخطيط من الممسك الفعلي بها :اميركا ، التي اتخذتها منذ البدء اداة من ادواة تنفيذ المشروع الاميركي –الصهيوني في لبنان . فالتحقيق الدولي هو الذي ادى الى الاعتقاال التعسفي لاربعة ضباط هم قادة الاجهزة الامنية و حراسة رئاسة الجمهورية ، اعتقال فتح الطريق لارساء النظام الامني الاميركي الذي اقتضح محتواه بتلك الاتفاقية العجيبة التي وقعتها حكومة السنيورة مع اميركا و وتنازلت لها عبرها عن  الامن اللبناني و معه السيادة... و تهويلات التحقيق الدولي كادت ان توقع الفتنة الداخلية في لبنان لولا تدارك العقلاء و قادة المقاومة الذين حددوا الهدف و لم يضيعوا الاتجاه في الرد على استفزاز المأجورين  .
 لقد ظل المخطط محتفظا بالمحكمة الدولية ليس لاجل الحقيقة التي لا تهمه كما نعتقد (و لو كانت الحقيقة مهمة له لسلك طريقها و لم يضيعها في دروب التزوير) بل من اجل استعمالها عند الحاجة لاسناد المشروع الذي لم يقو  على الاستمرارفاعلاً اكثر من ثلاث سنوات انتهت بوضع الحد لعهد الاستئثار ، و باسمترار المقاومة قوية منيعة كما و بوقف   التخندق العدائي ضد سوريا رسميا  . و الان يبدو ان للمحكمة دور يعول عليه  ، بعد حصول متغيرات بالغة الاهمية في لبنان و المنطقة – متغيرات  تشكل المقاومة جزءاً رئيسيا فيها اثرا و فعالية – خاصة  مع ترقب احداث يروج لها الفريق الغربي و ادواته في لبنان ، و تتمحور حول  مشروع حرب خاطفة تنقذ المشروع و تنهي الملف النووي الايراني .
ففي لبنان ، تطرح مسألة النظام الامني الاميركي و الاتفاقية الامنية التي جعلت من اميركا صاحبة وصاية على الامن الداخلي ، و في دمشق اعلنت استراتيجية  : "الحرب الشاملة و التقابل التدميري للاهداف المتكافئة " و على الصعيد الفلسطيني تستمر المقاومة بالثبات على مواقفها الرافضة لتصفية القضية و متمسكة بسلاحها في غزة ، و في ايران افتضح العجز الدولي عن احداث فتنة و انشقاق يطوق النظام و يسقطه، او الدخول في حرب تطيح بالمشروع النووي السلمي ، او اللجوء الى عقوبات تلوي ذراع الدولة فتستسلم .
و في كل ما ذكرنا نجد للمقاومة في لبنان صلة او موقع مؤثر ، فهي ترفض مع كل الوطنيين اللبنانيين استمرار النظام الامني الاميركي في لبنان و تطالب معهم باعادة النظر بالمعاهدة الغاءً او تنقية من االلشوائب، و في دمشق كان قائد المقاومة ركناً من اركان استراتجية الدفاع و المحافظة على الحقوق و التحرير ، و على الاتجاه الفلسطيني تقوم المقاومة بدور المؤازرة و الاسناد في حدود ما تسمح به الجغرافيا و الامكانات ، و على الاتجاه الايراني تخشى اسرائيل من دخول المقاومة في الحرب اذا استهدفت ايران بعدوان ما .
انها المقاومة المنتصرة في السابق ، و المستفيدة من المتغيرات حاضراً و التي تشكل عائقاً لتغيير الوضع لصالح اميركا مستقبلاً ... لذلك و في الوقت المخصص للاعداد و التحضير للحرب القادمة يرى المخطط انه من المفيد مشاغلتها لشلها !!! ... و يكون مفيدا امر العودة الى المحكمة الدولية و استعمالها ضد المقاومة .. من اجل  :
-         اجبارها على اتخاذ موقع دفاعي ينسيها مهامها الاساسية في مواجهة المشروع الصهيواميركي و احتلال الارض اللبنانية و مواجهة تهديدات اسرائيل للبنان، و يمنعها من التحرك في حراك عسكري مستقبلي ضد اسرائيل .
-         زرع فتنة في الداخل تمنع اي بحث في امر النظام الامني الاميركي التي ارسته الاتفاقيات غير الدستورية ، كما و يشغل المقاومة و يصليها ناراً تهب عليها من الداخل، فترتاح اسرائيل من نارها  .
هذه هي الخطة فهل تنجح ؟......... هنا نرى انه غاب عن المخطط  فهم الواقع و تقدير الموقف بدقة ، فالفتنة في لبنان اليوم  مستحيلة لاكثر من سبب اهمها ان ادوات اميركا لا يقوون على الاستمرار في ميدانها ان اضرموا نارها و سيحترقون بها ان فعلوا. كما غاب عنه ان وضع المحكمة ذاتها واهن ، فهي لم تستعد صدقية لازمة لها بعد ان امتنعت عن تطهير  نفسها من ادران ميليس و شهود الزور . الشهود الذين لا يزالون يتمتعون بحماية المخطط ( بعد ان امتنعت المحكمة الدولية عن ملاحقتهم ، و احجم القضاء اللبناني عن الاضطلاع بهذه المسؤولية ،  و امتنع لبنان عن التعاون مع سوريا لملاحقتهم )  .
لكل ذلك نقول ان خطة اميركا الجديدة في لبنان ، خطة مكشوفة و نجاح الهجوم المعاكس الذي تعتمده امر يكاد يكون ميؤوس منه ، و لكن يستوجب الحذر من مشاريع الفتن ،كما  ينبغي ان تتابع مسألة الاتفاقية الامنية الاميركية –الاربعة عشر آذارية  ،و كل الاتفاقيات المماثلة حتى نعيد للبنان سيادته الامنية و قراراه المستقل و يسقط النظام الامني الاميركي في لبنان كلياً ً.
 
 
العميد الدكتور امين محمد حطيط






Powered by ScribeFire.

No comments: